حفلت السنَّة النبوية المطهرة بأحاديث صحيحة كثيرة تحث المسلم على الإتيان بما فيها من أدعية وأذكار تقال من أجل وقاية قائلها من الضرر ، والشرور ، وهي شاملة بمعانيها العامَّة للوقاية من الإصابة بالأمراض والأوبئة المختلفة ، ومنها :
1. عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( مَنْ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ ) .
رواه أبو داود ( 5088 ) ، ورواه الترمذي ( 3388 ) – وصححه - بلفظ :
( مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ ) .
2. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ ، قَالَ : ( أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ تَضُرَّكَ ) .
رواه مسلم ( 2709 ) .
3. عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال : خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ لَنَا ، فَأَدْرَكْنَاهُ فَقَالَ : ( أَصَلَّيْتُمْ ؟ ) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، فَقَالَ : ( قُلْ ) ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : ( قُلْ ) ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : ( قُلْ ) ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : ( قُلْ : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) . رواه الترمذي ( 3575 ) وأبو داود ( 5082 ) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
ومما يحصل به الأمن والعافية والطمأنينة والسلامة من كل شر : أن يستعيذ الإنسان بكلمات الله التامات , من شر ما خلق ثلاث مرات صباحا ومساء : ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) فقد جاءت الأحاديث دالة على أنها من أسباب العافية ، وهكذا : ( باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحا ومساء , فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها ثلاث مرات صباحا لم يضره شيء حتى يمسي ومن قالها مساء لم يضره شيء حتى يصبح ) .
فهذه الأذكار والتعوذات من القرآن والسنَّة : كلها من أسباب الحفظ والسلامة والأمن من كل سوء .
فينبغي لكل مؤمن ومؤمنة الإتيان بها في أوقاتها , والمحافظة عليها ، وهما مطمئنان ، وواثقان بربهما سبحانه وتعالى ، القائم على كل شيء ، والعالِم بكل شيء ، والقادر على كل شيء ، لا إله غيره ولا رب سواه , وبيده التصرف والمنع والضر والنفع , وهو المالك لكل شيء عز وجل
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 454 ، 455 ) .
4. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي ) .
رواه أبو داود ( 5074 ) وابن ماجه ( 3871 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الشيخ أبو الحسن المباركفوري – رحمه الله - :
( اللهم إني أسالك العافية ) أي : السلامة من الآفات الدينية ، والشدائد الدنيوية ، وقيل : السلامة من الأسقام والبلايا ، وقيل : عدم الابتلاء بها والصبر عليها والرضا بقضائها ، وهي مصدر أو اسم من عافى ، قال في القاموس : والعافية دفاع الله عن العبد وعافاه الله تعالى من المكروه عفاء ومعافاة وعافية : وهب له العافية من العلل والبلاء كأعفاه .
( اللهم إني أسالك العفو ) أي : محو الذنوب والتجاوز عنها .
( والعافية ) أي : السلامة من العيوب .
( في ديني ودنياي ) ، أي في أمورهما .
" مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 8 / 139 ) .
5. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال : كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ) .
رواه مسلم ( 2739 ) .
قال المناوي – رحمه الله - :
والتحويل : تغيير الشيء وانفصاله عن غيره ، فكأنه سأل دوام العافية ، وهي السلامة من الآلام والأسقام .
" فيض القدير " ( 2 / 140 ) .
وقال العظيم آبادي – رحمه الله - :
وتحول العافية : إبدال الصحة بالمرض ، والغنى بالفقر .
" عون المعبود شرح سنن أبي داود " ( 4 / 283 ) .
6. . عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ ) .
رواه أحمد (12592) وأبوداود (1554) والنسائي (5493) ، وصححه الألباني .
قَالَ الطِّيبِيُّ : وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَوَّذْ مِنْ الْأَسْقَام مُطْلَقًا فَإِنَّ بَعْضَهَا مِمَّا يَخِفُّ مُؤْنَته وَتَكْثُرُ مَثُوبَتُهُ عِنْدَ الصَّبْر عَلَيْهِ مَعَ عَدَم إِزْمَانه كَالْحُمَّى وَالصُّدَاع وَالرَّمَد , وَإِنَّمَا اِسْتَعَاذَ مِنْ السَّقَم الْمُزْمِن فَيَنْتَهِي بِصَاحِبِهِ إِلَى حَالَة يَفِرُّ مِنْهَا الْحَمِيم وَيَقِلُّ دُونهَا الْمُؤَانِس وَالْمُدَاوِي مَعَ مَا يُورِثُ مِنْ الشَّيْن " .
نقله العظيم آبادي في "عون المعبود" .
ثانياً:
مما اشتهر بين الناس ، وخصوصاً في مواقع الإنترنت : دعاء يقال للوقاية من الأوبئة ، وقد نشره أصحابه على اعتبار نفعه في الوقاية من " انفلونزا الخنازير " ! وهذا الدعاء لم يصح في كتب السنَّة ، بل ليس له ذِكر ، وإنما هو من اختراع الرافضة ، منسوباً – كالعادة – لأحدٍ من أهل البيت – وهو جعفر الصادق هنا - حتى يحصل على تسويق له !
وقد ذكروا أنه : حدث مرة وباء ، وتلف فيه خلق كثير , وبيوت كثيرة ، غير بيت واحدٍ لم يدخله الوباء ؛ حيث كان أهله مواظبين على قراءة هذا الدعاء , وقد لفت ذلك نظر والي بغداد آنذاك فأرسل إلى كبير البيت وسأله متعجباً : كيف لم يدخل الوباء بيتَكم ؟ فذكر له أنه قال هذا الدعاء! .
ونص الدعاء :
" بِسْمِ اللهِ الرّحمَنِ الرَّحِيْمِ اللهُمَّ اِني أسئلك بعدد خلقك , بعزة عرشك , برضى نفسك , بنور وجهك , بمبلغ علمك وحلمك , ببقاء قدرك ببسط قدرتك , بمنتهى رحمتك , بأدراك مشيئتك , بكلية ذاتك ، بكل صفاتك , بتمام وصفك , بنهاية أسمائك , بمكنون سرك , بجميل برك , بجزيل عطائك , بكمال منك, بفيض جودك, بشديد غضبك بسباق رحمتك , بعدد كلماتك , بغاية بلوغك , بتفرد فردانيتك , بتوحيد وحدانيتك , ببقاء بقائك , بسرمدية أوقاتك ، بعزة ربويتك , بعظمة كبريائك , بجاه جلالك , بكمالك ، بجمالك ، بأفعالك , بإنعامك , بسيادتك , بملوكيتك ، بجباريتك ، بمشيئتك , بعظمتك , بلطفك , بسرِّك , ببرك , بإحسانك , بحقك , وبحق حقك , وبحق رسولك محمد المصطفى صلى الله عليه وآله ( !! ) : أن تجعل لنا فرجاً ومخرجاً , وشفاء من الغموم والبلاء والوباء والطعن والطاعون والعناء ، ومن جميع الأمراض والآفات والعاهات والبليات ، في الدنيا والآخرة , وبحق " كهيعص " ، وبحق " طه " و " يس " و " ص " ، وبحق " حمعسق " ، وبحق ( إنا فتحنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) , وبرحمتك يا أرحم الراحمين , وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين " .
انتهى
ومصدر هذا الدعاء : كتاب " التحفة الرضوية في مجربات الإمامية " ( ص 188 ) .
ولا يخفى على موحِّد ما في هذا الدعاء من مخالفات للشرع ، كالتوسل بحق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبحق آله ، وكلفظة " تمام وصفك " و " نهاية أسمائك " ! ، مع ما في العبارات من سماجة ، وألفاظ متكلفة ، ينزَّه الشرع المطهَّر عن ذلك كله .
والله أعلم
المصدر : الاسلام سؤال وجواب
0 التعليقات: